ناس متعاصة دين
عندي سؤال مهم أرجو أن تفكروا به جيداً قبل الإجابة عليه، وبجد بجد أرجو ان تفكروا بعمق شديد
السؤال هو : هل كل من ( هب و دب ) يجب أن ( يحشر ) الدين في كلامه لمجرد أن يجعلنا نحبه أو نتعاطف معه ؟ ..
عندي كمان سؤال : هل الله سبحانه وتعالى هين عند البعض ( وحاشا لله ) لدرجة أن يقرنوا لفظ الجلالة دائماً بأعمال لا تتسم بأي احترام أو قبول لدى أي إنسان سوي ؟..
أدعي أنني أملك إجابة على السؤالين ، لا أعرف إن كان يهمك أن تعرفها أو تتعاطف معها أم لا ، لكن أعرف أنك ستتفق معي – حتما ً – فيما سأذهب إليه بعد عدة سطور لأن الموضوع ليس بالبساطة التي قد يتخيلها البعض.
أعترف و أقر بأنني لم أشاهد الفيلم الضجة ( حين ميسرة ) للمخرج خالد يوسف ، وبطلته سمية الخشاب، كما أنني أتفق تماماً مع الرأي الذي يقول بأننا لا يجب أن نكون رأياً في العمل الفني – أياً كان – قبل مشاهدته ، أو لمجرد أننا شاهدنا إعلاناً كل وظيفته أن يلعب على أوتار معينة عند فئة أو شريحة محددة لكي تدخل الفيلم بحثاً عن غرائز ما أو إسكاتاً لاحتياج ما لديهم ، فالإعلان – تجارياً – يؤدي هذه الوظيفة ، ولو كان الفيلم عبقرياً كما يصوره البعض لما لجأ لبعض الجمل و ( المناظر ) في الإعلان ليجذب به الجمهور .
لكن في الوقت ذاته أعترف أيضاً أنني تابعت الجدل المثار حول الفيلم ، وشاهدت العديد من البرامج التي استضافت أسرته ، ربما بحكم المهنة ، وربما بحكم ولعي الشديد بمتابعة ردود أفعال الناس فيما يثير الجدل ، وردود أفعال صانعي الجدل نفسه ضد منتقديهم ، ورغم أن النتيجة معروفة سلفاً إلا أنني استمتعت برؤية وجهة نظري تتحقق في العديد من البرامج حيث التشنج في الآراء ، وإصرار العديد من فئات الجمهور على أن ما شاهدوه يقترب من قلة الأدب ، وإصرار خالد يوسف مخرج الفيلم على عن الناس دي ما بتفهمش، ويالها من مفارقة.
كل ده شئ معتاد، لكن ما هو غير معتاد هو إقحام الدين ولفظ الجلالة في أشياء غريبة ، كأن تقول سمية الخشاب مثلاً " الحمد لله ان ربنا وفقني في مشهد الاغتصاب"..
طيب إيه علاقة ربنا بمشهد الاغتصاب، ولماذا لم تقولي ان المشهد انا تعبت فيه وخلاص؟
طبعاً دعكم من أن كل من شاهدوا الفيلم قالوا أن المشهد كان مبتذلاً ، وأنه ملئ بتفاصيل مقززة ، فلن أتكلم في الأمر طالما أنني لم أشاهد الفيلم حتى لا يغضب الأخ المخرج حفظه الله ، أو الأخت سمية هدانا الله و إياها ، لكن الموضوع صار مستفزاً جداً
قبل حوالي عام أو يزيد شاهدت عادل إمام في اتصال تليفوني مع البيت بيتك يقول للفنانة المعتزلة شهيرة أن فنه يقربه على الله
لا اعتراض لي على ظن عادل إمام بنفسه أو بفنه فبعض الظن إثم ، لكن كمشاهد لابد أن أتساءل كيف يقرب فن عادل إمام تحديداً من الله حتى نكتشف لذة التدين ، وبدلاً من أن نستمع لمحمد حسان أو عمرو خالد أو حتى الشيخ محمد حسين يعقوب، نشاهد بدلاً من كل ذلك فيلماً لعادل إمام يقربنا إلى الله
للمرة الثانية ما علاقة المولى عز وجل بهذا الأمر، وهل فيلم مثل التجربة الدانماركية ببطلته نيكول سابا أو السفارة في العمارة التي يحلم بطله بإقامة علاقة في شقته مع بعض الساقطات ويؤرقه فكرة وجود السفارة الإسرائيلية بجانب منزله ، أو أفلام على عينة رسالة إلى الوالي وغيرها من الأفلام التي لا تكاد تخلو من علاقة غير مشروعة او كأس خمر في يد البطل ( راجع بخيت وعديلة ) أو ضربة مدروسة من البطل على منطقة حساسة عند البطلة .. كل ده كيف يقرب إلى الله ، وما هي علاقة المولى عز وجل بمثل هذه الأفعال؟
بالمناسبة ، ومن منطلق ليبرالي بحت ، لا مانع عندي من أن يفعل عادل إمام أو غيره ما يريد ، فللجميع حريتهم التي لا يجب أن نفرض أنفسنا أوصياء عليها ، لكن حين يتعلق الأمر بإقحام الدين ولفظ الجلالة في الأمر فاسمحا لي أن أقول أن هذا عيب ، وعيب هنا كلمة مؤدبة تصلح أن تنشر في المقال دون أن يحذف ، واحتراماً لكل القراء
طبعاً الموضوع أصبح لا يحتمل خاصة حين تخرج علينا الفنانة / الراقصة العفيفة الشريفة المبجلة المحترمة بوسي سمير ، وتقول في برنامج على شاشة قناة المحور عبارات على منوال " أنا برقص بما يرضي الله" ، و"" باتعرى عشان اوصل رسالة"
يا سلاااااااااااااااااااااااام
إيه علاقة ربنا برقص سعادتك أساساً ، وإيه الرسالة اللي بتوصليها لما تتعري، ومن اختارك كي توصلي الرسالة ، ولماذا هي رسالة كاملة التفاصيل .. ليه ما تبقاش ميسد كول مثلاً حتى الفيبريشن يقل ولو بعض الشئ.
طبعاً شئ مستفز ، والأكثر استفزازاً هو أننا لا ننظر إلى الموضوع بشكل عام ، ولا نتمتع بالقدرة على النظر إليه بنظرة طائر محلق يشاهد كل التفاصيل، فهؤلاء لا يختلفون عن الشحات الذي يبدأ كلامه معك بعبارة ( حاجة لله ) ، أو يدعو لك بعبارات على منوال ( اديني حاجة ربنا ينور طريقك) ، أو يصعد لمترو الأنفاق ، ويلفت نظر من حوله بأن يرفع عقيرته بتلاوة القرآن قبل أن يقول حديثين شريفين في الغالب هي أحاديث ضعيفة أو يتم توظيفها بما ليس مجاله ، وفي النهاية يبيع لك الشرائط الدينية التي ستدخل بك إلى الجنة ، وفي الغالب كل المقدمات التي يفعلها لمجرد أن يبيع، أي أنها وسيلة إقناع في التجارة ، يعني بعبارة أشد تهذيباً متاجرة بالدين.
الأكيد يا سادة أن كثيرين منا صاروا يتمسحون بالدين ،أو (يعوصون) به أنفسهم ، ويستخدموه كمبرر لفرض شرعية على ما يفعلوه من أشياء خاطئة ، او لإدرار تعاطف قد لا يستحقونه أبداً، وغالباً نشرب المقلب، ويصدق بعضنا أن سمية الخشاب بتتعب في مشهد الاغتصاب ، وأن هذا هو عملها ، وأن العمل عبادة ، وإن ربنا موفقها في عملها ، وهو نفس المنطق الذي يجعل الحرامي يقول قبل أن يسرق : بسم الله الرحمن الرحيم، ويدعو الله أن يوفقه ، مع إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب..، والطيب فقط